ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

بالعمل يُذكَرُ الإنسان

11:37 - January 30, 2023
رمز الخبر: 3489741
بيروت ـ إکنا: بالعمل يُذكَرُ الإنسان، خيراً كان عمله أم شَرّاً، فإن كان خيراً ذكره الناس بخير، وإن كان شراً ذكره الناس بشَرٍّ، ولا يُذكُر بشيء سوى ذلك، فالإنسان عمَلٌ في الحقيقة، العمل هو الذي يصوغ شخصيته، ويُنْبِئُ عن ذاته، ويُبدي مَكنون نفسه.

وبالعمل يُذكَرُ الإنسان، خيراً كان عمله أم شَرّاً، فإن كان خيراً ذكره الناس بخير، وإن كان شراً ذكره الناس بشَرٍّ، ولا يُذكُر بشيء سوى ذلك، فالإنسان عمَلٌ في الحقيقة، العمل هو الذي يصوغ شخصيته، ويُنْبِئُ عن ذاته، ويُبدي مَكنون نفسه، وبالعمل يبني الحياة ويصنع أحداثها، وبه يتعامل مع الآخرين، والآخرون يَرونه به، بَلْ إن الله تعالى ينظر إلى عمله ويحاسبه على أساسه، عمله يرفعه إلى عِلّيين، ويبلغ به درجة المُقربين، وعمله يتردّى به إلى أسفل سافلين، وقد جاء في الحديث عن الإمام عَلِيٍّ (ع): "الشَّرَفُ عِندَ اللَّهِ سُبْحانَهُ بِحُسنِ الأَعمالِ، لا بحُسْنِ الأَقوالِ". وجاء في الحديث عن رسول الله (ص): "إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العَبدَ ويُبغِضُ عَمَلَهُ، ويُحِبُّ العَمَلَ ويُبغِضُ بَدَنَهُ".

ألا ترى قارئي الكريم أن التاريخ لا يذكر إلا أولئك الذي عملوا صالحاً أو طالحاً، فهم وحدهم الذين صاغوا التاريخ وحرَّكوه، أما سواهم فالتاريخ يُغْفِلُهم، وهم الأكثرية من البشر، وإنما يُغفِلهم لأن أعمالهم لم تكن ذاتَ تأثير في صناعة الحياة وحركة التاريخ.

لقد ذكر التاريخ الأنبياء والرُّسُل، والقادة العِظام، والفلاسفة والمفكرين، والمهندسين والمخترعين والمبدعين والبنائين والأطباء وكلَّ أولئك الذين أَثْرَوا الحياة الإنسانية وأَغنوها وأَثَّروا فيها، وكانوا هداة إلى الخير، ودعاة للصلاح والإصلاح.

وفي المقابل ذكر التاريخ أيضا الطغاة والظالمين، والمستكبرين والمفسدين، والأثرياء المترفين وأهل البَطَرِ، وكل أولئك الذين أفسدوا وتجبّروا وعَتوا وقتلوا وشرّدوا واغتصبوا وأساؤوا إلى الإنسان والحياة، فالتاريخ يذكر هؤلاء وأولئك، يذكر هؤلاء بالشَّرِّ، ويذكر أولئك بالخير، فكلا الصِّنفَين صدرت منهم أفعال حرَّكت التاريخ وصنعت أحداثه، وكلا الصِّنفَين كانا ولا زالا يخوضان مواجهة شرسة، ينتصر أحدهما تارة وينتصر الآخر تارة أخرى. أما سواهم مِمَّن اكتفوا بالأكل والشرب وعاشوا حياتهم مغمورين فلا يذكرهم الناس أبداً.

ما تقدَّم يُلزِمنا أن ننتقي أعمالنا بدقة، ونتخيَّر الأهدى منها والأصلح، وأن نؤديها كاملة تامة، وأن نحرص على أن نكون صُنَّاعَ حياة، مؤثرين إيجابياً في حركة مجتمعنا وتطوِّره وتقدّمه، وسلامته وأمانه ورفاهِهِ، وتضامنه وتعاضُده وتكافله وتعاونه على البر والتقوى والخير والصلاح، فإن الناس اليوم وغداً وفي المستقبل القريب والبعيد سيذكروننا بها، أَعمالُنا وإنجازاتنا ومساهماتنا وتراثنا كل ذلك سيكون بطاقة التعريف بنا للحاضر والآتي من الأجيال، وهذا ما نَبَّه إليه الإمام أمير المؤمنين (ع) في عهده إلى مالك الأشتر النَّخعي حيث جاء فيه: "إنَّما يُستَدَلُّ عَلَى الصّالِحينَ بِما يُجري اللَّهُ لَهُم عَلى‏ ألسُنِ عِبادِهِ ، فَلْيَكُنْ أحَبَّ الذَّخائرِ إلَيكَ ذَخيرَةُ العَمَلِ الصّالِحِ".

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية "السيد بلال وهبي"

أخبار ذات صلة
captcha