ایکنا

IQNA

سَبَبُ الْفُرْقَةِ الْخِلافُ

23:42 - November 14, 2023
رمز الخبر: 3493454
بيروت ـ إکنا: الاختلاف بين البشر ليس أمراً طبيعياً وحسب، إنما هو ضرورة للحياة الإنسانية التي لايمكن أن تقوم إلا على التَنَوّع، ففي التَنَوّع غِنىً وثراء، وبالتنوع يحصل المرء على حاجاته المختلفة التي لا يقدر عليها بمفرده.

وروِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "سَبَبُ الْفُرْقَةِ الْخِلافُ".
 
والاختلاف بين البشر ليس أمراً طبيعياً وحسب، إنما هو ضرورة للحياة الإنسانية التي لا يمكن أن تقوم إلا على التَنَوّع، ففي التَنَوّع غِنىً وثراء، وبالتنوع يحصل المرء على حاجاته المختلفة التي لا يقدر عليها بمفرده. ولهذا خلقنا الله مختلفين.

الخِلاف بين البشر طبيعي 

والخِلاف بين البشر طبيعي كذلك نتيجة اختلافهم في طبائعهم، وأفهامهم، وأهدافهم، ومصالحهم، وقيَمِهم، وأساليبهم، وما يكون فيهم من الغيرة، والحسد، والخوف على الرزق، والخوف على المكانة الاجتماعية، والخوف على السلطة، أو الرغبة فيها، وهذا النوع من الخلاف عادة ما يكون خفياً، وقد يصبح الخلاف ظاهراً محسوساً عندما يدرك الطرف الآخر ما يعتمل في صدر الطرف الآجل ويطلع على نواياها تجاهه، وقد يتطور الخلاف فيصبح جلياً ويؤدي إلى اشتباك بين الطرفين أو الجماعتين عندما تصبح مصالحهما في دائرة التهديد. 
فالاختلاف بين البشر طبيعي وإيجابي، ويجب عليهم الاستثمار به فيما يرجع عليهم بالخير والغِنى والثراء. والخلاف بينهم واردٌ وطبيعي كذلك، لكن ترك المبادرة إلى حَلِّه يُخَلِّف آثاراً سلبية خطيرة على عموم حياتهم الاجتماعية، أقلها حدوث الفِرقة بينهم، ثم العداوة، وصولا إلى الاقتتال ونشوب الحروب التي لا تنتهي، هذا في المجال العام الواسع، أما في المجال الفردي فحَدِّث عن سلبيات خطيرة لا تقِلُّ عمّا سَبَق، فالإبقاء على الخلافات الأسرية تحيل واقع العائلة إلى دمار وخراب، وترك الخلافات الزوجية دون حَلِّ يؤدي إلى صراعات متمادية تنتهي إلى الطلاق، وعدم المبادرة إلى حل الخلافات بين الشركاء في أي مجال من مجالات الشراكة يدخلهم في نزاعات وخصومات تنتهي بتهديم ما بنوه وخسارة ما جَنَوه. 

أمام هذه السلبيات الخطيرة والكبيرة التي تنتج عن الخلاف يتحَتَّم على طَرَفي الخلاف المبادرة سريعا إلى حله كي لا يستفحل فيَصعُب حَلُّه فيما بعد، وسيكون من الأخطاء الفادحة التقليل من شأن الخلاف، أو المماطلة في البحث عن الحل، أو الانسحاب السلبي، أو إكراه الطرف الآخر، أو استخدام النفوذ لذلك وإن كان يُسهِم في حَلِّ الخِلاف حاضراً لكنه قد يعيد توليده من جديد عندما تبدر من الطرفين بادرة ما، أو حين يشعر الطرف المُكرَه بقوَّةٍ تمكنه من المطالبة بما يراه حقاً له.

العلاقة الزوجية مبنية على الثقة والمودة

والحقيقة أن هذا غالباً ما يحدث، فعلى سبيل المثال: يحدث خلاف بين الزوجين فيكره أحدهما زوجه على حَلِّ ما، دون أن يبادر إلى حل أسباب الخلاف، إن الحل الإكراهي لا يدوم، ولا يعيد وصل ما انقطع بينهما، والعلاقة الزوجية مبنية على الثقة والمودة وتلعب العواطف دوراً كبيراً في تنميتها وتعميقها، فإذا لم يك الحل عن قناعة فما أسهل أن ينشب الخلاف من جديد وغالباً ما يكون أكثر قسوة.

وما يصدق بين الزوجين يصدق بين الأخَوين، والجارين، ويصدق بين الجماعات والشعوب. لذلك لا بد من المبادرة إلى وضع حلول دائمة يكون الطرفان رابحين فيها. 

كذلك يجب أن يتمتَّع الطرفان أو الأطراف بمهارة إدارة الخلاف، وأهمها: الاعتراف بوجود مشكلة، أو تباين في الرأي، أو القِيَم، أو الأهداف، أو المصالح، أو الأساليب، ومن ثمَّ تحديد المشكلة بينهما بالضَّبط، والاستماع إلى الطرف الآخر، ومحاورته بقصد الوصول إلى الحَل، والاعتراف بالحقيقة، وقبول وجهة نظر الطرف لآخر إن كانت صحيحة، والاعتذار منه إن كان الحق له، والمحافظة على كرامته، وتجنُّب تكرار اللوم له، والبحث عن هدف مشترك.
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha