ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الإسلام قد أولى عناية خاصة بحقوق الوالدين

17:26 - December 08, 2023
رمز الخبر: 3493739
بیروت ـ إکنا: وقد أولى الإسلام عناية خاصة بحقوق الوالدين، والدعوة إلى بِرِّهما، واحترامهما، وأداء حقوقهما، وطاعتهما، حتى قرَن بين الأمر بعبادة الله وبين الأمر بالإحسان إليهما فقال: "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا...﴿الإسراء/23﴾.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "شَرُّ الْأَوْلادِ الْعاقُّ".
 
لم يسبق الإسلامَ فكرٌ أو شريعةٌ اهتمّا بالبناء الاجتماعي الإنساني، وتمتين أواصر العلاقة بين الأفراد، والحرص على سلامة العلاقات الزوجية والأسرية، وإعطاء هذه العلاقة بعداً قيمياً وقانونياً وأُخروياً، واعتبارها واجباً دينياً، وسَنِّ قوانين لحمايتها، وتشريع حقوق واجبة لأطرافها، وتحريم التخلُّف العمدي عن أدائها، ومَنْ يُلقي نظرة على ما جاء في رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) لأدهشه ما جاء فيها مِنْ حقوق، ومَنْ له تلك الحقوق.

وقد أولى الإسلام عناية خاصة بحقوق الوالدين، والدعوة إلى بِرِّهما، واحترامهما، وأداء حقوقهما، وطاعتهما، حتى قرَن بين الأمر بعبادة الله وبين الأمر بالإحسان إليهما فقال: "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا...﴿الإسراء/23﴾.

لم يسبق الإسلامَ فكرٌ ولا شريعةٌ في النهي عن عقوق الوالدين
 
ولم يسبق الإسلامَ فكرٌ ولا شريعةٌ في النهي عن عقوق الوالدين، فقد أعلن أنه من أكبر الكبائر عند الله، وكشف عن أن العقوق والبغي ذنبان يُعَجِّل الله عقوبتهما في الدنيا قبل الآخرة، وأن العقوق ثَكْلُ مَنْ لم يُثْكَلُ، (الثَّكل فقدان الحبيب)  وأي فقدان أعظم من هذا، فمن مات له حبيب سلَّم لقضاء الله وقدَرِه، إيمانا منه أن قضاء الله لا يُرَدُّ، وأن حبيبه الذي مات لم يكن موته باختياره، أما حبيبه العاقُ فقد اختار العقوق بإرادته. وكشف أنه لا يُغفَر للعاقِّ عقوقَه ولو عمل من الصالحات ما عمِل، وكسب من الحسنات ما كسب، وأنه يَسْلبُ العاقَّ التوفيق في حياته، ويورثه الفقر، والضيق، والمشقَّة في الحياة، ويُقَصِّر عمرَه، ويوْدي به في المَهانة والذِّلَّة، ويُصَعِّب عليه سكرات الموت. 

وجاء في الحديث عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: "عُقوقُ الوالِدَينِ مِن الكَبائرِ، لأنَّ اللَّهَ تعالى‏ جَعَلَ العاقَّ عَصِيّاً شَقِيّاً".

وكشف الإمامُ الرِّضا عَلِيّ بن موسى الرضا (ع) عِلَّة تَحريم العُقوق فقال: "حَرَّم اللَّهُ عُقوقَ الوالِدَينِ لِما فيهِ مِن الخُروجِ مِن التَّوفيقِ لِطاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ، والتَّوقيرِ لِلوالِدَينِ وتَجَنُّبِ كُفرِ النِّعمَةِ، وإبطالِ الشُّكرِ، وما يَدعو مِن ذلكَ إلى‏ قِلَّةِ النَّسلِ وانقِطاعِهِ، لِما في العُقوقِ مِن قِلَّةِ تَوقيرِ الوالِدَينِ والعِرفانِ بِحَقِّهِما، وقَطعِ الأرحامِ، والزُّهدِ مِن الوالِدَينِ في الوَلَدِ، وتَركِ التَّربيَةِ بعِلَّةِ تَركِ الوَلَدِ بِرَّهُما".
 
والعُقوق: الشَّقُّ والقَطَعُ، فالعاقُّ يقطع الصِّلَةَ بينه وبين والدَيه ويوجِد شُقَّة بينه وبينهما. وهو ضِدّ بِرِّهما، ويتحقَّق العقوق بكل فعل. ومنه العُبوس في وجه الوالدَين وهو أدنى العقوق الأفعالي، أو قول يُؤذيهما وأدناه التأّفُّفُ والتضَجُّر من طلباتهما، ونَهْرِهما، وهو أن يقول لهما كلمة (أُفّ) قال تعالى: "...إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴿23﴾ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴿الإسراء/24﴾.

والعقوق عقوق سواء أكان الوالدان كبيرين أم شابَّين،  وإنما خَصَّت الآية مرحة الكِبَر بالذكر لأن الوالدين يكونان في حاجة إلى الولد بخلاف مرحلة الشباب حيث يكون محتاجاً إليهما، والكِبَر له جلاله وحُرمته، وقول الله تعالى: "إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ" يُصوِّر معنى التجائهما إليه، والاحتماء بحمايته حال كِبَرهما وضَعفِهما.
 
وينشأ العُقوق من مناشئ عديدة منها: الجهل بعواقب العقوق، وأصدقاء السُّوء، وكثرة المشاكل الأسرية، والجَفاف العاطفي بين الولد ووالديه، وبُعْدُ الوالدين أو أحدهما عنه، وقَسْوَتهما عليه، والتمييز بينه وبين أخوته، وتدليله بما يتجاوز الحد، وسوء التربية، وعقوق الوالدين أو أحدهما لوالديهما، وقد ينشأ من الحِقد، والبُخل، وحُبِّ الدنيا، وقد يدعوه إلى ذلك استسلامه لإرادة الزوج أو الزوجة الكارهَين لوالدَي أحدهما. وجاء عن الإمام الحَسَن بن عَلِيِّ العسكري (ع): "جُرأةُ الوَلَدِ على‏ والِدِهِ في صِغَرِهِ تَدعو إلَى العُقوقِ في كِبَرِهِ".

"شَرُّ الْأَوْلادِ الْعاقُّ" وهذا حَقٌّ ولا يكون الإمام أمير المؤمنين (ع) إلا الحق الذي يدور معه كيفما دار. فما الخير في ولد يقابل بِرَّ والديه بالعقوق والجحود والنُّكران؟! وأي خير في ولد ينتظر والداه أن يبرهما حين يحتاجان إليه في كِبَرهما فيقابلهما بالقَسْوَة والجَفاء؟!

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha