ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة..

منهج الامام علي(ع) للتعامل مع الشر: "ضادُّوا الشَّرِّ بِالْخَيـرِ"

0:11 - January 25, 2024
رمز الخبر: 3494339
بيروت ـ إکنا: في جوهرته الكريمة يقدم لنا الإمام أمير المؤمنين (ع) منهجا للتعامل مع الشر، منهج يصلح للوقاية من الوقوع في براثنه أو الاعتياد عليه فيقول: "ضادُّوا الشَّرِّ بِالْخَيـرِ" هذا المنهج يقتضي أن نفعل الخير فإننا بذلك نَصُدُّ هجمة الشر علينا.
منهج الامام علي(ع) للتعامل مع الشر:
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "ضادُّوا الشَّرِّ بِالْخَيـرِ".
 
مما لا شك فيه أننا نحن البشر نحب أن نفعل الخير ونجتنب الشر، ملتزمين دينياً كنا أم غير ملتزمين، فجمعينا نُحب الخير ونحب أهله وفاعليه، وجميعنا نكره الشر ونكره أهله، وحتى الكثير ممن يفعلون الشر يعرفون أنهم يفعلون قبيحاً لكن الذي يدعوهم إلى فعله قد يكون ظنهم بأنه خير، وقد يكون تبريريهم لأنفسهم فعله لحاجتهم إليه، وقد يكون السبب اعتيادهم عليه، وبالطبع هذه الأسباب لا تبرر لهم فعل الشر ولكنها تفيد أنهم يدركون أن الشر شر وأن الخير خير. ونحن ننتمي إلى مدرسة فكرية آمنت أن العقل الإنساني هو الذي يميز بين القبيح وبين الحَسَن من الأقوال والأفعال والأحوال. 

ثم إن الشخص الذي يخشى على نفسه من الوقوع في براثن الشر والاعتياد عليه قد يستسلم له إذا لم يكن قوي الإرادة وحاضر الوعي، وهذا ما يحدث لمعظمنا، فإن الشر يتسلَّل إلينا من مواضع الضَّعف فينا، كلحظة غضب، أو هياج شهوة، أو حاجة ماسَّة، أو عداوة مستحكمة، فنندفع إلى فعله، وقد تكون تلك هي الخطوة الأولى لاستسهال الشر والاعتياد عليه، فإذا اعتدنا عليه نقع في محذورين اثنين: فإما أن يستبد في نفوسنا فلا نقوى على تغييره، والعادة عدوٌ متَمَلِّكٌ، وما أن يصير الشر خيراً من وجهة نظرنا وهذا من صور انقلاب المفاهيم، مثل ما رُوِيَ عن رسول الله (ص): "كَيْفَ بِكُمْ إِذَا فَسَدَ نِسَاؤُكُمْ وَفَسَقَ شُبَّانُكُمْ، وَلَمْ تَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ تَنْهَوْا عَنِ اَلْمُنْكَرِ؟!" فَقِيلَ لَهُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ، يَا رَسُولَ اَللَّهِ ؟! قَالَ: "نَعَمْ، وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ، كَيْفَ بِكُمْ إِذَا أَمَرْتُمْ بِالْمُنْكَرِ وَنَهَيْتُمْ عَنِ اَلْمَعْرُوفِ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ؟! قَالَ: "نَعَمْ، وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ، كَيْفَ بِكُمْ إِذَا رَأَيْتُمُ اَلْمَعْرُوفَ مُنْكَراً وَاَلْمُنْكَرَ مَعْرُوفاً؟!"

فإذا بلغنا هذه المرحلة نكون قد وصلنا إلى أسوأ المراحل، وهذا ما تسير نحوه مجتمعاتنا اليوم سيما المجتمعات الغربية، التي تنكَّرت لكل القيم الإنسانية واستبدلتها بقيم لا تمت إلى إنسانيتها بصلة، بل أعطت الحق لكل إنسان أن يجعل من لَذّاته وشهواته الشخصية معياراً للقيم، وأباحت له أن يخالف بل يطأ على كل ما يخالف هواه وشهوته، وها هي اليوم تُبيح له أن يتردّى من علياء الإنسانية إلى حضيض الحيوانية، بل أن يتردى من الحيوانية إلى الشيئية، أي أن يكون شيئاً فقط.

في جوهرته الكريمة يقدم لنا الإمام أمير المؤمنين (ع) منهجا للتعامل مع الشر، منهج يصلح للوقاية من الوقوع في براثنه أو الاعتياد عليه فيقول: "ضادُّوا الشَّرِّ بِالْخَيـرِ" هذا المنهج يقتضي أن نفعل الخير فإننا بذلك نَصُدُّ هجمة الشر علينا، وأمثلة ذلك كثيرة، فمن خاف على نفسه من البخل وقاه بالتصدُّق والبذل والعطاء، ومن خاف على نفسه من الباطل وقاها بالحرص على الحق وقول الحق، ومن خاف عليها من الجُبن وقاها بالإقدام والشجاعة، ومن خاف عليها من الحقد وقاها بالصفح والغفران.

إذا كي لا نعتاد على الشر يجب أن ندفعه بالاعتياد على الخير وهذا منهج سليم في بناء النفس وتنمية فضائلها وحفظها من العادات السيئة.

وقد يكون مراد الإمام (ع) أن ندفع شَرَّ الآخرين بفعل الخير معهم وهذا أيضا منهج أخلاقي يراد منه التأثير فيهم وإصلاحهم وقد دعانا الله تعالى إليه في كتابه الكريم تحت عنوان الدفع بالتي هي أحسن، حيث قال سبحانه: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"﴿فُصِّلَت/ 34﴾.

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha